أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الجوانب العملية في قضايا المخدرات: دليل شامل للدفاع القانوني والإجراءات الجنائية

تعرف على الجوانب العملية في قضايا المخدرات، بما في ذلك الدفوع القانونية، شروط صحة الإجراءات الجنائية، الأخطاء الشائعة، ونصائح للمحامين. دليل شامل للتعامل مع قضايا المخدرات وفقًا للقانون.

مخدرات، ممنوعات، مكافحة، قانون، جريمة، عقوبة

 الدفوع القانونية غير المبررة في قضايا المخدرات

أود أن أتحدث معكم اليوم عن **قانون مكافحة المخدرات** (قانون رقم 182 لسنة 1960 وتعديلاته)، وبالتحديد عن بعض الدفوع القانونية التي تثار في قضايا المخدرات دون وجود أساس قانوني يدعمها، هذه الدفوع لا تتوافق مع نصوص القانون، بل تتعارض معها بشكل واضح.

ومن هذه الأخطاء الشائعة تسمية هذا القانون بـ "قانون المخدرات"، بينما التسمية الصحيحة هي "قانون مكافحة المخدرات" هذه الدقة في التعبير تُعد من أهم سمات المحامي الجنائي، حيث تعكس التزامه بالدقة القانونية والانضباط في استخدام المصطلحات.

عند مناقشة أي قضية، يجب على المحامي تجنب الأخطاء اللغوية أو القانونية، خاصةً في المصطلحات، لأن هذه الأخطاء قد تؤثر سلبًا على صورته أمام المحكمة. فالمحكمة تُكوّن انطباعًا عن المحامي منذ اللحظة الأولى التي يبدأ فيها بالحديث أو تقديم الدفوع.

الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية في غير جناية الحيازة والإحراز بقصد التعاطي: 

القاعدة العامة تنص المادة " 15 من قانون الإجراءات الجنائية" على أن  "الدعوى الجنائية" تنقضي بمضي المدة، حيث تنقضي الدعوى في:

  • 'قضايا الجنايات' بعد مرور 'عشر سنوات ' من تاريخ وقوع الجريمة.
  • وفي 'قضايا الجنح' بعد مرور 'ثلاث سنوات'.
  • وفي 'قضايا المخالفات' بعد مرور  'سنة واحدة'.
    ما لم يُنص في القانون على خلاف ذلك. 

ما يجب أن تعرفه في إطار 'قانون مكافحة المخدرات' (قانون رقم 182 لسنة 1960 وتعديلاته)، تنص **المادة 46 مكررًا ** على أن الدعوى الجنائية لا تنقضي بمضي المدة في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، باستثناء الجنايات الواردة في "المادة 37"، والتي تتعلق بجرائم "الحيازة والإحراز بقصد التعاطي"

وعلى ذلك لا يجوز  الدفع أمام المحكمة في غير جريمة حيازة المخدرات أو إحرازها بقصد التعاطي، وذلك بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة عن جريمة جلب المخدرات، أو عن جريمة تهيئة وإدارة مكان بقصد التعاطي، أو عن جريمة الاتجار، إلى غير ذلك من الجنايات التي عاقب عليها قانون مكافحة المخدرات." 

هل تسقط العقوبة بمضي المدة في الجنايات المنصوص عليها في هذا القانون؟

 لا تسقط العقوبة بمضي المدة إلا في جناية الحيازة والإحراز بقصد التعاطي، كما هو منصوص عليه في **المادة 37** من هذا القانون. أما باقي الجنايات الأخرى، فلا تنقضي عنها الدعوى الجنائية بمضي المدة، ولا تسقط العقوبة المقضي بها. 

 فهم القضايا المثارة تطبيقًا لأحكام قانون مكافحة المخدرات (القانون 182 لسنة 1960)

  القضايا المثارة تطبيقًا لأحكام قانون مكافحة المخدرات (القانون 182 لسنة 1960)، يجب أولًا استيعاب الخطة التشريعية التي اتبعها المشرع في هذا القانون، والتي تعتمد على مبدأ التدرج في التجريم. وقد أكدت **محكمة النقض المصرية** على هذا المبدأ لتوضيح النصوص القانونية وإزالة أي التباس قد ينتج عن قراءتها بشكل سطحي، حيث قد يظن البعض وجود تعارض أو تكرار بينها.

لقد وضع المشرع خطة واضحة وممنهجة تعتمد على التدرج في التجريم والعقاب، حيث خصص عقوبات مشددة لبعض الجرائم، مثل **عقوبة الإعدام**، بينما خفف العقوبات في جرائم أخرى وفقًا لخطورة الفعل والظروف المحيطة به.
 التدرج في التجريم والعقاب:

  1. جرائم تستوجب عقوبة الإعدام:  مثل جريمة **الجلب أو التصدير **، والتي تعد من أخطر الجرائم في هذا القانون.
  2.  جرائم تستوجب عقوبات مخففة:  مثل جريمة الحيازة بقصد التعاطي، والتي تعاقب بعقوبة أقل شدة مقارنة بجرائم الاتجار أو الجلب.

في حال صدور إذن من النيابة العامة بالقبض أو التفتيش وفقًا للقانون، يجب توافر بعض الضوابط: 

  • أن يكون الإذن مسبوقًا بتحريات جادة. وبالتالي، يمكن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة إذا صدر بناءً على تحريات غير جادة.  
وصف الدفع: هل الدفع جوهري أم موضوعي؟ وما الفرق بينهما؟**  
  • الدفع الجوهري: هو الدفع الذي يتعين على المحكمة أن تعرض له في منطوق حكمها، سواء بقبول أو رفض فاذا سكتت المحكمة عن الرد علي هذا الدفع يكون النعي الاول هو القصور في التسبب.

**الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لصدوره بناءً على تحريات غير جادة:**  

يعتبر هذا الدفع من الدفوع الجوهرية التي يتعين على المحكمة أن تعرض لها في حكمها. إذا لم تفعل ذلك، يكون الحكم مشوبًا بالقصور المبطِّل.  

**إجراءات الطعن بالنقض:**  

إذا أُثير هذا الدفع أمام المحكمة وصدر الحكم بإدانة المتهم، يجب الانتباه إلى ما يلي عند كتابة الطعن بالنقض:  
- هل ردت المحكمة على الدفع المبدى من الدفاع أم سكتت عنه؟  
- إذا سكتت المحكمة عن الرد على الدفع، يكون النعي الأول هو **القصور في التسبيب**.  

**تقدير جدية التحريات:**  

- مسألة تقدير جدية التحريات هي مسألة موضوعية يستقل بها قاضي الموضوع.  
- إذا اطمأنت المحكمة إلى جدية التحريات، فلا معقب عليها من محكمة النقض في هذا الشأن.  
- دور المحامي هنا يتمثل في إثبات عدم جدية التحريات من خلال عناصر واضحة، مما يجبر المحكمة على عرض هذه العناصر في حكمها. 

دور محكمة النقض:

تراقب محكمة النقض مدى تعرض المحكمة للدفع المبدى وردها عليه. إذا ردت المحكمة وقالت إنها اطمأنت إلى التحريات، يكون ردها سليمًا إلا إذا أحاط المحامي الدفع بعناصر واضحة تثبت عدم جدية التحريات.  

**مثال عملي:**  
بعض المحامين يلاحظون عدم تطابق اسم المحرى عنه في التحريات مع الاسم الحقيقي الثابت في البطاقة الشخصيه. على سبيل المثال:  
- الاسم الحقيقي: **أحمد محمد طه إبراهيم**.  
- الاسم المذكور في محضر التحريات: **إبراهيم محمد طه أحمد**.  

في مثل هذه الحالات، يمكن للمحامي استخدام هذا التناقض كدليل على عدم جدية التحريات، ويمكن الدفع والحاضر دفع بأن المتهم ليس هو المعني بالاتهام. 

 الدفع بوجود خطأ في اسم المتهم بين ما ورد في محضر التحريات وما هو ثابت في بطاقة تحقيق شخصيته يُعتبر **دفعًا موضوعيًا**، ولا يستلزم ردًا صريحًا من المحكمة. وذلك لأن المحاكمات الجنائية ليست مسألة طرفية. فالقول بأن الاسم خطأ دون تحديد الأثر المترتب على ذلك يجعل الدفع غير منتج.  

الدفع بأن المتهم ليس هو المعني بالاتهام بدلالة أن الاسم الثابت في محضر التحريات يخالف الاسم الثابت في بطاقة تحقيق شخصيته يُعتبر **دفعًا جوهريًا**. هنا يتعين على المحكمة أن تتحقق من هذا الدفع لبلوغ غاية الأمر منه. 

 العبرة في صحة الإجراءات الجنائية تكون بمقدماتها وليس بنتائجها. فلا يجوز الاستدلال على صحة إجراء بنتيجته، بل يجب أن تستند صحة الإجراء إلى المقدمات السابقة عليه. لذلك، عندما ترد المحكمة على الدفع بشأن عدم جدية التحريات بأن ضبط المخدر يؤكد جدية التحريات، يكون ذلك قصورًا في التسبيب وفسادًا في الاستدلال.
   - ومن الأمثلة على ذلك، عندما يثير دفاع الطاعن دفعًا جوهريًا حول بطلان إذن النيابة العامة لصدوره بناءً على تحريات غير جدية، ثم ترد المحكمة على هذا الدفع بقولها إن ضبط المادة المخدرة يؤكد جدية التحريات. هذا الرد يعتبر فاسدًا في الاستدلال، لأن ضبط المخدر هو عنصر لاحق ولا يمكن الاستدلال به على صحة الإجراءات السابق. 

توقيع محضر التحريات 

عند مطالعة محضر التحريات الذي بناء عليه صدر إذن النيابة العامة، فإن أول مسألة يجب مراجعتها بعد قراءة المحضر هي التأكد من توقيع الضابط مجري التحريات في نهاية المحضر. حيث أن ورقة التحريات تعد وثيقة رسمية، ولكي تكون ذات قيمة قانونية، يجب أن تحمل توقيعًا منسوبًا إلى الموظف العام الذي أصدرها، وهو الضابط مجري التحريات. 

في كثير من الأحيان، قد يكون توقيع الضابط غير مقروء أو مجرد خيوط متشابكة، مما يثير شكوكًا حول صحة المحضر.  

لذا، عندما تواجه واقعة مستغلقة أو أمرًا يثير الشكوك، يمكنك إثارة دفع ببطلان إذن النيابة العامة لصدوره دون وجود تحريات صحيحة من الأساس

فمحضر التحريات الذي لا يحمل توقيعًا واضحًا للضابط مجري التحريات يعتبر بلا قيمة قانونية، ويمكن الطعن بالتزوير على هذه التوقيعات المشكوك فيها.  

وتأصيلًا لهذا الأمر، نجد أن الضابط عند طلبه للشهادة في تحقيقات النيابة بصفته مجري التحريات، يقوم بالتوقيع على كل صفحة من الصفحات بتوقيع مقروء باسمه الثلاثي، وهذا يدل على أن له توقيعًا ثابتًا في التحقيقات، وبالتالي فإن التوقيعات المشبوهة في محضر التحريات التي تدعي نسبتها إليه تكون غير صحيحة، لأن توقيعه الحقيقي يجب أن يكون واضحًا ومقروءًا.  

كما استقرت محكمة النقض على أن ورقة التقرير بالطعن يجب أن تحمل توقيعًا مقروءًا لعضو النيابة "المحامي العام في مواد الجنايات"، وأنه في حالة عدم وجود توقيع مقروء يمكن الاستدلال به على من قام بتحرير الورقة، فإن ذلك يؤدي إلى بطلان الطعن وعدم قبوله.

 وأكدت المحكمة أن مجرد وجود اسم المحامي العام على الورقة أو إقراره بأنه من وقعها لا يغني عن ضرورة وجود توقيع مقروء، حيث أن شرط صحة الورقة ووجودها القانوني يكتمل بوجود التوقيع الواضح.  

وبناءً على ما استقرت عليه محكمة النقض، فإن ورقة التحريات التي لا تحمل توقيعًا مقروءًا لضابط الواقعة تعتبر باطلة ولا قيمة لها. لذا، على المحامي أن يثير هذا الدفع ويطعن بالتزوير على التوقيعات المشبوهة المنسوبة للضابط. وهذا الأمر يضع المحكمة في موقف حرج، حيث يتعين عليها التحقق من صحة التوقيعات قبل أن تصدر أي حكم استنادًا إلى هذه التحريات.  فإذا أرادت المحكمة أن تدين المتهم بناءً على صحة التحريات وإذن النيابة، يجب عليها أن تتحقق من صحة التوقيعات وتنظر في الطعن بالتزوير. وأي رد من المحكمة يتجاهل هذا الطعن يعتبر ردًا غير معتبر أمام محكمة النقض. فلا يجوز للمحكمة أن تكتفي بالاطمئنان إلى صحة التوقيع أو القول بأن الضابط قد أقر بصحة التوقيع، خاصة إذا كان هناك طعن بالتزوير مدعوم بأدلة قوية، مثل وجود توقيعات أخرى للضابط في نفس القضية تكون واضحة ومقروءة.

أذن النيابة العامة

بطلان إذن النيابة العامة إذا صدر من معاون نيابة:

  • مصدر الإذن: إذا صدر الإذن من **معاون النيابة** (بدون تفويض قانوني)، يُعتبر باطلًا؛ لأن القانون لم يُخوّله صلاحية إصدار مثل هذه الأذونات.كُتب
  • حتي لو كتب الإذن بعبارة "نحن – وكيل النائب العام": يجب على المحامي إثارة دفع **بطلان الإذن** كإجراء احتياطي، خاصة إذا ثبت أن المُصدر كان "معاون نيابة" وقت الإصدار
  • دور المحكمة: يتوجب عليها التحقق من **درجة المُصدر** (صلاحياته) وقت إصدار الإذن، وعدم تجاهل هذا الدفع.  
  • سابقة قضائية: نقضت محكمة النقض حكمًا لأن المحكمة الابتدائية تجاهلت دفعًا يفيد أن مُصدر الإذن كان معاون نيابة، مما يشوِّه الحكم ويجعله **قاصرًا وباطلًا**.

القبض استنادا إلى احدى حالات التلبس

السيناريو الشائع إيقاف سيارة في كمين أمني للتحقق من التراخيص (رخصة قيادة/تسيير منتهية، زجاج معتم)، ثم اكتشاف مخالفات أخرى (مثل ضبط مخدرات أو أسلحة). 

المدخل الإجرائي: إذا كان **إيقاف السيارة** نفسه **باطلًا** (بدون مبرر قانوني)، فإن **كافة الإجراءات اللاحقة** (التفتيش، القبض، ضبط الأدلة) تُعتبر **باطلة**. 

مثال: إيقاف سيارة بشكل عشوائي دون وجود شبهة مبررة → يُعد انتهاكًا للشرعية الإجرائية. 

فطبقا لاحكام محكمه النقض 
  - لا يجوز لرجال الشرطة **استيقاف السيارات عشوائيًّا** دون وجود **شبهة محددة** تبرر ذلك (مثل مخالفة واضحة أو سلوك مريب).  
  - إذا تم إيقاف سيارة دون مبرر → القبض والتفتيش لاحقًا باطلا، حتى لو أسفرا عن ضبط أدلة إجرامية.  
التمييز بين جرائم عدم الاستخراج وعدم الحمل للرخصة

  • عدم استخراج الرخصة** (مادة 74 مكرر 2 و4 من قانون المرور):    - **عقوبتها**: الحبس حتى 6 أشهر + غرامة، يجوز فيها القبض والتفتيش** (لأنها جنحة معاقب عليها بالحبس). 
  • عدم حمل الرخصة (مادة 74 مكرر 5 من قانون المرور): عقوبتها غرامة مالية فقط، لا يجوز فيها القبض أو التفتيش (لأنها مخالفة لا تُبيح إجراءات الضبط القضائي).  → **الخطأ الشائع**: خلط النيابة بين الحالتين، مما يؤدي إلى إجراءات باطلة. 

إبطال الأدلة الناتجة عن تفتيش غير قانوني:

- **مثال عملي**:  
  - إذا ادَّعى الضابط وجود "كيس بلاستيك بجوار المتهم" بعد إيقاف السيارة، **يجب التحقق مما يلي**:  
    1. هل كانت أرضية الكمين خالية قبل إيقاف السيارة؟  
    2. هل تم تفتيش سيارات أخرى في الكمين قبل سيارة المتهم؟  
  - إذا لم يُثبت الضابط **خلو الأرضية** أو **انتقاء السيارة لسبب مبرر** → يُشكك في مصداقية الأدلة.  

---

 قضاء محكمة النقض في حالات "عدم الاتزان:

- **حكم حديث**:  
  - لا يُعتبر "عدم اتزان السائق" مبررًا كافيًا للقبض أو سحب عينة دم، لأنه قد يرجع لأسباب صحية (مثل المرض)، وليس بالضرورة دليلًا على التعاطي.  
  - **نتيجةً لذلك**: تُبطل جميع الإجراءات اللاحقة (مثل تحليل العينة).  

**السؤال:** هل كانت هناك سيارات في الكمين قبل إيقاف كل سيارة للمتهم؟  

**الجواب:** في الغالب ستكون الإجابة: نعم. 

**السؤال:** هل تبين لك خلو أرضية الكمين قبل إيقافك لسيارة المتهم؟  

**الجواب:** في كثير من القضايا يأتي الرد: "كانت هناك سيارات يتم تفتيشها". أما بالنسبة لخلو الأرضية، فإنه لا يُتبين مقصد السؤال فيقول: "لا أتذكر". معنى ذلك أن ما جرى ضبطه لا يمكن الجزم بأن المتهم هو الذي تخلى عنه؛ فمن يدريني؟ فقد تكون السيارة السابقة عليه - والتي تم تفتيشها - هي التي تخلت عنه، طالما أنك لم تتيقن من خلو الأرضية قبل إيقافك لسيارة المتهم. 
هذه مسألة بالغة الأهمية عند تناول هذا النوع من القضايا القائم على فكرة ضبط المتهم بمناسبة إيقاف سيارته في إحدى الكمائن. فلا يوجد ما يُسمى "كمينًا عشوائيًا"، وعليك أن تراجع السند القانوني الذي استند إليه الضابط في إلقاء القبض: هل الجريمة المُدعى عليها تُعَدُّ جنحة مؤثمة بالحبس الذي يزيد على ستة أشهر أم لا؟ .

تفتيش المسكن

من الحالات الخاصة التي قد تثير إشكاليات في الواقع العملي مسألة **تفتيش المسكن**.  
- **المبدأ العام:** لا يجوز تفتيش المساكن إلا بموجب إذن من النيابة العامة، وفقًا للضوابط القانونية.  
- **الحالة الخاصة:** كان يُستند سابقًا إلى **المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية** التي أجازت التفتيش في حالات التلبس بالجريمة إذا وُجدت دلائل على أن المسكن يُخفي أشياء لها صلة بالجريمة.  
- **التطور القانوني:** قضت المحكمة الدستوريه العليا (في عام 1984) **بعدم دستورية** هذا النص، مؤكدةً أن التفتيش لا يجوز إلا بإذن قضائي صريح، دون مراوغة أو تأويلات تخرجه عن إطار الضرورة. 
بات التفتيش -بعد هذا الحكم- مُقيَّدًا بشرطين جوهريين:  

  1. الحصول على إذن قضائي مسبق. 
  2. استحالة تطبيق أي استثناءات (كحالة التلبس) لتبرير التفتيش دون إذن.

تفتيش المتاجر أو المحال العامة:

يجب التمييز بين أمرين رئيسيين:  

  1. تفتيش المتجر.
  2. دخول المحال العامة.

تفتيش المتجر

وجود سند قانوني يسمح بتفتيش صاحب المتجر أو الحائز له، أو في حالة التلبس بالجريمة. 

**مثال تطبيقي:** إذا كان (أحمد) صاحب محل تجاري، وضُبط في حالة تلبس، يجوز تفتيش متجره دون الحاجة إلى إذن قضائي مُسبَق؛ لأن حرمة المتجر تُلازم حرمة صاحبه أو الحائز له. 

إذا صدر إذن قضائي بتفتيش الشخص نفسه أو مسكنه، فإن هذا الإذن يشمل تفتيش متجره تلقائيًا. 

دخول المحال العامة

يجوز لرجال السلطة العامة دخول المحال العامة لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح، بشرط أن يتم ذلك:  
  - خلال الأوقات المحددة لممارسة النشاط(أثناء ساعات العمل للمحال اي اثناء فتحها).  
  - دون تجاوز هذا الإطار الزمني؛ ففي غير أوقات العمل، يُحظر على رجل السلطة العامة دخول هذه الأماكن. 

 إذا ادعى رجل السلطة أنه دخل المحل وهي مغلقه بحجة سماع "أصوات مريبة"، فإن محكمة النقض تؤكد بطلان هذا الإجراء. فقد قضت بأن مجرد الادعاء بوجود شبهات لا يُبرر انتهاك حرمة المحال العامة خارج الإطار القانوني. 

التلاحق الزمني للإجراءات لإثبات أن القبض والتفتيش كانا سابقين على صدور الإذن:

هذا الأمر يحتاج إلى تأصيل قانوني وليس مجرد ديباجة تُذكر في كل قضية، حيث إن لكل قضية خصوصيتها وبصمتها الذاتية. لذلك، يجب أن يكون هناك **تلاحق زمني واضح** يُثبت أن القبض والتفتيش تمَّا قبل صدور إذن النيابة.  

مثال تطبيقي

- **السيناريو:**  
  صدر إذن من النيابة العامة بتفتيش مسكن المتهم، وادعى الضابط أنه نفَّذ الإذن بعد استلامه مباشرة.  
  - **التفاصيل:**  

  1. صدر الإذن من مسكن وكيل النيابة في منطقة العباسية الساعة ٤. 
  2. أشار الضابط في محضر الضبط أن القبض تم الساعة ٤:٣٠ على طريق مصر الإسماعيلية.  
  3. عند سؤاله عن الإجراءات، ذكر الضابط أنه انتقل إلى قسم الشرطة في حلوان لإعداد القوة المرافقة قبل التوجه إلى مسكن المتهم.  


- **التحليل:**  
  بناءً على التلاحق الزمني:  
  - المسافة بين العباسية (مكان صدور الإذن) وحلوان (مكان إعداد القوة) ثم التوجه إلى طريق مصر الإسماعيلية (مكان القبض) تستغرق وقتًا أطول من **30 دقيقة**.  
  - هذا التناقض الزمني يُثبت استحالة تنفيذ الإجراءات بالترتيب المذكور، مما يدل على أن القبض والتفتيش تمَّا **قبل** صدور الإذن.  

الأهمية القانونية:

  يُعد التلاحق الزمني دليلًا قويًّا لإثبات انتهاك الإجراءات القانونية، خاصة في حالات القبض والتفتيش.  
التطبيق العملي
  يجب على المحكمة التحقق من التسلسل الزمني للإجراءات للتأكد من مشروعيتها، ورفض أي إجراءات تسبق صدور الإذن القضائي.

الدفع بتلفيق الاتهام:

يُعد الدفع بتلفيق الاتهام من الدفوع المهمة التي يمكن أن تكون **موضوعية** أو **جوهرية** بحسب صياغتها وطريقة إثباتها.  
   - والدفع الجوهري ينقسم إلى نوعين:  
     - **دفع جوهري على إطلاقه:** مثل الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لصدوره بناءً على تحريات غير جديّة.  
     - **دفع جوهري في خصوصية كل دعوى:** وهو ما يتعلق بظروف القضية نفسها، وليس بمبدأ عام. 

 ** أمثلة تطبيقية:** 

1. **قضية حديثة (2020):**  
   - تمسك الطاعن بدفع بتلفيق التهمة، وأثبت وجود خصومة سابقة بينه وبين ضابط الواقعة.  
   - قضت محكمة النقض بأن هذا الدفع **جوهري**، وكان على المحكمة الابتدائية أن تفطن له وتحققه.  
   - حيث جاء في الحكم:  
     > "إن ما أثاره الطاعن يعد -في خصوصية هذه الدعوى- دفاعًا جوهريًّا كان على المحكمة أن تفطن له وتعن بتحقيقه. أما وأنها لم تفعل، فإن حكمها يكون مشوبًا بالقصور والإخلال بحق الدفاع."  

2. **قضية كبرى (2010):**  
   - كانت القضية تتعلق بتهمة مخدرات وجلب من الخارج.  
   - أثبت الدفاع وجود خصومة سابقة بين ضابط الواقعة ووالدة زوج المتهمة.  
   - انتهت محكمة جنايات القاهرة بالبراءة بناءً على هذا الدفع.  

3. **قضية أخرى:**  
   - تم تقديم شكوى من سيدة ضد أحد الضباط قبل ثلاث أو أربع سنوات، تتعلق بخلافات حول عقد إيجار شقة مملوكة لها.  
   - عند إثارة الدفع بتلفيق التهمة، واستنادًا إلى هذه الخصومة السابقة، قضت محكمة الجنايات ببراءة المتهمة.  
   - وعند الطعن أمام محكمة النقض، تأيد حكم البراءة لكون الدفع جوهريًّا ومستندًا إلى أدلة قوية. 

 أهمية صياغة الدفع:

- **صياغة الدفع:**  
  - إذا تمت صياغة الدفع بشكل عام (موضوعي)، فقد لا تستجيب المحكمة له.  
  - أما إذا تمت صياغته بشكل مفصَّل ومستند إلى أدلة (جوهري)، فإنه يصبح ذا أهمية كبيرة وقد يؤدي إلى براءة المتهم.  

- **الممارسة العملية:**  
  - يجب على المحامي ألا يستنكف عن السؤال أو سماع أي معلومات، حتى من ذوي المتهم، ثم فرز ما يدعم الدفاع القانوني.  
  - مراجعة الأوراق بدقة للعثور على أي مستندات أو شكاوى سابقة قد تدعم الدفع بتلفيق الاتهام.

ما ستتعلمه في هذا المقال:**  

- 📜 **الفرق بين الدفع الجوهري والموضوعي** وكيف تُحدث صياغته فرقًا في الحكم.  
- ⚖️ **تفتيش المسكن والمتاجر**: متى يكون الإذن القضائي ملزمًا؟ وما حُكم المحكمة الدستورية العليا؟  
- ⏱️ **التلاحق الزمني للإجراءات**: كيف تكتشف تناقضات تثبت بطلان القبض قبل صدور الإذن؟  
- 🚨 **أخطاء تُبطِل الأدلة**: من خلط الرخصة المرورية إلى توقيعات التحريات المشبوهة.  
- 🏛️ **سوابق قضائية حديثة**: كيف نجح الدفاع في إثبات تلفيق الاتهام بوجود خصومة سابقة؟ 

المراجع

مكتب أحمد محمود ابو الليل للمحاماة
مكتب أحمد محمود ابو الليل للمحاماة
مكتب استشارات قانونية، أمام جميع المحاكم المدنية والجنائية والأحوال الشخصية - مؤسس موقع الرأي القانوني - خبرة في صياغة العقود وصيغ الدعاوي.
تعليقات